ﺇﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﻤﻮﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻟﻘﻤﺔ
ﺍﻟﻌﻴﺶ، ﺗﺮﻯ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻗﺪ ﺗﻐﺮﺏ ﻋﻦ ﺃﻫﻠﻪ
ﻭﻭﻃﻨﻪ، ﻭﺁﺧﺮﻳﻦ ﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﻫﻬﻢ
ﺍﻟﺘﻌﺐ ﻭﺍﻻﺟﻬﺎﺩ ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﻓﻲ ﺟﻤﻊ
ﺍﻟﻤﺎﻝ . ﻭﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ ﺁﺧﺮ ﻳﻌﻴﺶ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕ
ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﻇﻔﻴﻦ ﻭﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﺗﺤﺖ ﺭﺣﻤﺔ ﺃﺭﺑﺎﺏ
ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻜﻔﻼﺀ ﻓﺘﺮﻯ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ
ﻳﻌﺼﺮﻩ، ﻫﻤﻪ ﺍﻟﺨﺼﻮﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﻣﺮﺗﺒﻪ، ﻓﻨﻬﺎﺭﻩ
ﻳﺘﺮﻗﺐ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻣﻦ ﺭﺋﻴﺴﻪ ﺍﻟﺘﻲ
ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﻭﺑﺮﺍﺗﺒﻪ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻪ
ﻛﻮﺍﺑﻴﺲ ﺷﺘﻰ ﻓﻬﻮ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺭﻕ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ
ﻟﻴﻠﻪ ﻭﻧﻬﺎﺭﻩ .
ﻭﻳﺴﻬﻢ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻷﺣﺒﺔ ﺇﺳﻬﺎﻣﺎً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﻓﻲ ﺟﻌﻞ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻇﻮﺍﻫﺮ ﺫﺍﺕ ﻧﻄﺎﻕ ﻭﺍﺳﻊ ﻓﺌﺔ
ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﻣﻤﻦ ﻻ
ﻳﺨﺎﻓﻮﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ، ﻳﺘﻌﺎﻣﻠﻮﻥ ﻣﻊ
ﺍﻟﻤﻮﻇﻒ ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻌﺎﻣﻠﻮﻥ ﻣﻊ ﺍﻵﻻﺕ،
ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺨﺼﻮﻡ .
ﻫﺬﻩ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻻ ﻳﺼﻔﻮ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺎﻝ ﺇﻻ
ﺑﺸﺊ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺪﺭ .
ﻓﻨﺬﻛﺮ ﺇﺧﻮﺍﻧﻨﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻼﻑ
ﻃﺒﻘﺎﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﻏﻨﻲ ﻭﻓﻘﻴﺮ ﻭﻛﻔﻴﻞ ﻭﻣﻜﻔﻮﻝ
ﻭﺭﺋﻴﺲ ﻭﻣﺮﺅﻭﺱ، ﻧﺬﻛﺮﻫﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻟﻦ
ﻳﺼﻠﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻗﺪّﺭ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻬﻢ، ﻓﻘﺪ
ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ ﺭﺯﻗﻚ ﻳﺎ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﻭﺃﻧﺖ
ﻓﻲ ﺑﻄﻦ ﺃﻣﻚ .
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ : ﻳﻮﺟﺪ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ
ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺑﺄﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻌﺘﻘﺪ
ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻻ ﺗﺠﺘﻤﻊ ﻣﻊ ﺍﻟﻐﻨﻰ، ﻭﻫﺬﺍ
ﺳﻮﺀ ﻇﻦ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ .
ﺇﻧﻚ ﺃﺧﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺗﺪﻋﻮ ﺭﺑﻚ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺻﻼﺓ
ﻓﺘﻘﻮﻝ : ﺭﺑﻨﺎ ﺁﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻓﻲ
ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻗﻨﺎ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻬﻞ ﺗﺪﺭﻙ
ﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ؟ ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ
ﻳﺪﻋﻮ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ .
ﺇﻧﻪ ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﺮﺏ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺃﻥ ﻳﺆﺗﻴﻚ ﻣﻦ
ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﺎ ﺗﺘﻌﻔﻒ ﺑﻪ ﻋﻦ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﺗﻜﺘﻤﻞ ﻟﻚ
ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺗﺎﻥ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺳﻌﺎﺩﺓ ﺍﻵﺧﺮﺓ .
ﺇﺫﻥ ﺷﺮﻉ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻬﻤﻞ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻭﻛﺴﺐ
ﺍﻟﻌﻴﺶ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺸﺮﻉ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻘﺎً ﻣﻦ
ﺃﻋﻈﻢ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺮﺯﻕ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻤﺎ ﺟﺎﺀ
ﺑﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ .
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻷﺣﺒﺔ : ﺳﺄﺫﻛﺮ ﻟﻜﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ
ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺷﺮﻉ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ
ﻛﺴﺐ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻭﺯﻳﺎﺩﺗﻪ ﻭﻧﻤﺎﺀﻩ، ﻟﻜﻦ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ
ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻧﻌﻠﻢ ﺟﻴﺪﺍً ﺑﺄﻥ ﻣﺎ ﻳُﺬﻛﺮ ﻻ ﻳﻨﺘﻔﻊ
ﺑﻪ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻭﺇﻥ ﻓﻌﻠﻪ ﻭﻃﺒﻘﻪ ﺇﺫﺍ ﺿﻌﻒ ﻳﻘﻴﻨﻪ
ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻫﺬﺍ ﺇﻥ ﻓﻌﻞ ﻓﻜﻴﻒ ﺑﺎﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﻣﺎ
ﻳﺬﻛﺮ ﺑﻪ، ﻓﺎﺣﺬﺭ ﺃﺧﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻭﺃﻧﺖ ﺗﺴﻤﻊ
ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﺃﻥ ﻳﻀﻌﻒ ﻳﻘﻴﻨﻚ
ﻓﻲ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻓﻲ ﻛﻼﻡ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﺮﻕٌ ﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﻳﻌﻤﻞ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﻫﻮ
ﻳﺴﺘﻴﻘﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻋﺪﻩ ﺻﺪﻕ
ﻭﻛﻼﻣﻪ ﺣﻖ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﻳﻘﺮﺋﻪ ﻭﻫﻮ ﻣﺘﺮﺩﺩ ﻓﻲ
ﺫﻟﻚ .
ﺇﻥ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ
ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ : ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻴﻪ
ﻭﺍﺳﺘﻐﻔﺎﺭﻩ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻓﻘﻠﺖ
ﺍﺳﺘﻐﻔﺮﻭﺍ ﺭﺑﻜﻢ ﺇﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻏﻔﺎﺭﺍً ﻳﺮﺳﻞ
ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻣﺪﺭﺍﺭﺍً ﻭﻳﻤﺪﺩﻛﻢ ﺑﺄﻣﻮﺍﻝ
ﻭﺑﻨﻴﻦ ﻭﻳﺠﻌﻞ ﻟﻜﻢ ﺟﻨﺎﺕ ﻭﻳﺠﻌﻞ ﻟﻜﻢ ﺃﻧﻬﺎﺭﺍً
.
ﻧﻌﻢ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﺌﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﻐﻔﺮﻳﻦ ﺭﺑﻤﺎ
ﻳﺴﺘﻐﻔﺮﻭﻥ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻻ ﻳﺰﺩﺍﺩﻭﻥ ﺇﻻ ﻓﻘﺮﺍً،
ﻓﺘﺴﺄﻝ؟ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ : ﺃﻧﻪ ﺍﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻓﻘﻂ،
ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺑﻤﺎ ﺃﻧﺖ ﺗﺴﺘﻐﻔﺮﻩ ﻛﻞ
ﻳﻮﻡ ﻭﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﺻﻼﺓ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ
ﺍﻟﻌﺒﺚ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﺍﺳﺘﻐﻔﺎﺭﻙ ﺃﺧﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺩﻭﻥ
ﻭﻋﻲ ﻭﺩﻭﻥ ﻋﻤﻞ ﺭﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻧﺒﺎً ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻚ
ﺃﻥ ﺗﻘﻠﻊ ﻣﻨﻪ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻝ ﺃﺣﺪﻫﻢ : ﺍﺳﺘﻐﻔﺮ
ﺍﻟﻠﻪ، ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﻗﻠﺘﻬﺎ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ . ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ
ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ : ﺇﻱ ﺇﺫﺍ ﺗﺒﺘﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺍﺳﺘﻐﻔﺮﺗﻤﻮﻩ ﻭﺃﻃﻌﺘﻤﻮﻩ ﻛﺜﺮ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻋﻠﻴﻜﻢ،
ﻭﺳﻘﺎﻛﻢ ﺭﺑﻜﻢ ﻣﻦ ﺑﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﻭﺃﻧﺒﺖ ﻟﻜﻢ
ﻣﻦ ﺑﺮﻛﺎﺕ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺃﻧﺒﺖ ﻟﻜﻢ ﺍﻟﺰﺭﻉ ﻭﺃﺩﺭّ
ﻟﻜﻢ ﺍﻟﻀﺮﻉ ﻭﺃﻣﺪﻛﻢ ﺑﺄﻣﻮﺍﻝ ﻭﺑﻨﻴﻦ ﺃﻱ
ﺃﻋﻄﺎﻛﻢ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺍﻷﻭﻻﺩ، ﻭﺟﻌﻞ ﻟﻜﻢ ﺟﻨﺎﺕ
ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺜﻤﺎﺭ ﻭﺧﻠﻠﻬﺎ ﺑﺎﻷﻧﻬﺎﺭ ﺍﻟﺠﺎﺭﻳﺔ
ﺑﻴﻨﻬﺎ .
ﻗﻞ ﻟﻲ ﺑﺮﺑﻚ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ : ﻫﻞ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ
ﺍﻷﻳﺎﻡ - ﻭﺍﺳﺘﻌﺮﺽ ﺷﺮﻳﻂ ﺣﻴﺎﺗﻚ - ﻫﻞ ﻓﻲ
ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻟﻤﺎ ﺿﺎﻗﺖ ﺑﻚ ﺍﻟﺴﺒﻞ ﻭﺿﺎﻕ
ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻤﻌﺎﺵ ﻟﺠﺄﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ
ﺑﺎﻹﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﻮﺑﺔ . ﺃﺩﻉ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻟﻚ .
ﺷﻜﻰ ﺭﺟﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ﺷﺪﺓ ﺍﻟﺠﺪﺏ
ﻭﻧﻘﺺ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﺍﺳﺘﻐﻔﺮﺍﻟﻠﻪ . . ﻭﺷﻜﻰ
ﺁﺧﺮ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﺍﺳﺘﻐﻔﺮﺍﻟﻠﻪ . . ﻭﻗﺎﻝ
ﺛﺎﻟﺚ : ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﺳﻌﻴﺪ ﺃﺩﻋﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﺮﺯﻗﻨﻲ
ﺍﻟﻮﻟﺪ ﻓﺈﻧﻲ ﻋﻘﻴﻢ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﺍﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ . .
ﻭﺷﻜﻰ ﺭﺍﺑﻊ ﺟﻔﺎﻑ ﺑﺴﺘﺎﻧﻪ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﺍﺳﺘﻐﻔﺮ
ﺍﻟﻠﻪ . . ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺠﺎﻟﺴﻴﻦ : ﺃﺗﺎﻙ ﺭﺟﺎﻻً
ﻳﺸﻜﻮﻥ ﺃﻧﻮﺍﻋﺎً ﻓﺄﻣﺮﺗﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﺑﺎﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ،
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻘﻮﻝ :
ﻓﻘﻠﺖ ﺍﺳﺘﻐﻔﺮﻭﺍ ﺭﺑﻜﻢ ﺇﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻏﻔﺎﺭﺍً
ﻳﺮﺳﻞ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻣﺪﺭﺍﺭﺍً ﻭﻳﻤﺪﺩﻛﻢ
ﺑﺄﻣﻮﺍﻝ ﻭﺑﻨﻴﻦ ﻭﻳﺠﻌﻞ ﻟﻜﻢ ﺟﻨﺎﺕ ﻭﻳﺠﻌﻞ
ﻟﻜﻢ ﺃﻧﻬﺎﺭﺍً .
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ : ﻭﻣﻤﻦ ﺗﻔﻄﻦ ﻟﺜﻤﺮﺓ ﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ
ﻭﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻧﺒﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﻮﺩ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ : ﻭﻳﺎ ﻗﻮﻡ ﺍﺳﺘﻐﻔﺮﻭﺍ
ﺭﺑﻜﻢ ﺛﻢ ﺗﻮﺑﻮﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﻳﺮﺳﻞ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻋﻠﻴﻜﻢ
ﻣﺪﺭﺍﺭﺍً ﻭﻳﺰﺩﻛﻢ ﻗﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﺗﻜﻢ ﻭﻻ ﺗﺘﻮﻟﻮﺍ
ﻣﺠﺮﻣﻴﻦ .
ﻓﻴﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻷﺣﺒﺔ ﺇﻥ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻖ ﻭﺻﺪﻕ،
ﻓﺈﺫﺍ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻐﻔﺮﺕ ﻳﺎ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻟﻢ ﺗﺠﺪ
ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻓﺎﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻠﻞ ﻓﻴﻚ ﺃﻧﺖ ﻻ ﻓﻲ
ﻏﻴﺮﻙ، ﻭﺃﻥ ﺍﺳﺘﻐﻔﺎﺭﻙ ﻟﻢ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ،
ﻓﺎﺑﺤﺚ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﻚ ﻭﻓﺘﺶ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻚ، ﻟﻌﻠﻚ
ﻭﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﺫﻧﺐ ﻋﻈﻴﻢ ﺣﺮﻣﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺴﺒﺒﻪ ﺃﺛﺮ
ﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ .
ﻭﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺮﺯﻕ، ﺑﻞ ﻭﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺃﺳﺒﺎﺏ
ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ : ﺗﻘﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺮ
ﻭﺍﻟﻌﻠﻦ ﻭﺍﻟﺨﻮﻑ ﻣﻨﻪ ﻭﺍﻣﺘﺜﺎﻝ ﺃﻣﺮﻩ ﻭﺍﺟﺘﻨﺎﺏ
ﻧﻬﻴﻪ ﻭﺍﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
ﻭﻣﻦ ﻳﺘﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺠﻌﻞ ﻟﻪ ﻣﺨﺮﺟﺎً ﻭﻳﺮﺯﻗﻪ
ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺤﺘﺴﺐ ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﺭﺣﻤﻪ
ﺍﻟﻠﻪ : ﺃﻱ ﻭﻣﻦ ﻳﺘﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﻣﺮﻩ ﺑﻪ ﻭﺗﺮﻙ ﻣﺎ
ﻧﻬﺎﻩ ﻋﻨﻪ ﻳﺠﻌﻞ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻩ ﻣﺨﺮﺟﺎً ﻭﻳﺮﺯﻗﻪ
ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺤﺘﺴﺐ، ﺃﻱ ﻣﻦ ﺟﻬﺔٍ ﻻ ﻳﺨﻄﺮ
ﺑﺒﺎﻟﻪ .
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ : ﺇﻥ ﺃﻛﺒﺮ ﺁﻳﺔ
ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﺮﺣﺎً ﻭﻣﻦ ﻳﺘﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺠﻌﻞ ﻟﻪ
ﻣﺨﺮﺟﺎً .
ﻭﻗﺎﻝ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻭﻟﻮ ﺃﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻯ
ﺁﻣﻨﻮﺍ ﻭﺍﺗﻘﻮﺍ ﻟﻔﺘﺤﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺮﻛﺎﺕ ﻣﻦ
ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﻟﻜﻦ ﻛﺬﺑﻮﺍ ﻓﺄﺧﺬﻧﺎﻫﻢ ﺑﻤﺎ
ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻜﺴﺒﻮﻥ ﺃﻳﻦ ﻧﺤﻦ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ
ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ
ﺍﻵﻳﺎﺕ، ﺃﻳﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺨﺎﻓﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺯﺍﻗﻬﻢ ﺇﺫﺍ
ﺗﺮﻛﻮﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﺤﺮﻡ، ﺃﻳﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﻧﻪ
ﻟﻦ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺭﺑﻂ
ﺑﺎﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻣﻦ ﻳﻬﻮﺩ ﻭﻧﺼﺎﺭﻯ، ﺃﻻ
ﻳﻘﺮﺅﻭﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ : ﻭﻟﻮ ﺃﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻯ
ﺁﻣﻨﻮﺍ ﻭﺍﺗﻘﻮﺍ ﻟﻔﺘﺤﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺮﻛﺎﺕ ﻣﻦ
ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﺇﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺭﺯﻗﺎً ﺑﺴﻴﻄﺎً
ﺗﺤﺼﻞ ﺑﻪ ﺍﻟﻜﻔﺎﻳﺔ، ﻛﻼ، ﻟﻜﻨﻪ ﻓﺘﺢ ﻣﻦ
ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻓﺘﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﻭﻟﻮ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﺏ
ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻟﻠﻌﺒﺪ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻷﻣﺔ ﻓﻤﻦ ﺍﻟﺬﻱ
ﺳﻴﻤﻨﻌﻪ ﺃﻭ ﻳﻮﻗﻔﻪ ﺃﻭ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻘﺼﻪ ﻭﻳﻘﻠﻠﻪ،
ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﻳﺮﺑﻄﻮﻥ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻫﻢ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎﺭ؟ ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ
ﻳﺨﺎﻓﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﺯﻣﺎﺕ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ
ﻭﺑﻴﻦ ﺃﻳﺪﻳﻨﺎ ﺇﻥ ﻛﻨﺎ ﻣﺴﻠﻤﻴﻦ ﺣﻘﺎً ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺎﺕ
ﺍﻟﻮﺍﺿﺤﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﻨﺎﺕ . ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻭﻟﻮ
ﺃﻧﻬﻢ ﺃﻗﺎﻣﻮﺍ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺓ ﻭﺍﻻﻧﺠﻴﻞ ﻭﻣﺎ ﺃﻧﺰﻝ ﺇﻟﻴﻬﻢ
ﻣﻦ ﺭﺑﻬﻢ ﻷﻛﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﻓﻮﻗﻬﻢ ﻭﻣﻦ ﺗﺤﺖ
ﺃﺭﺟﻠﻬﻢ ﻭﻗﺎﻝ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ : ﻭﺃﻟّﻮﺍ
ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻷﺳﻘﻴﻨﺎﻫﻢ ﻣﺎﺀً ﻏﺪﻗﺎً
ﻭﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : ﻟﺌﻦ ﺷﻜﺮﺗﻢ ﻷﺯﻳﺪﻧﻜﻢ
.
ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ
ﻭﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺑﻞ ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻮﻇﻔﻴﻦ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ
ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻘﻌﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﺨﺎﻟﻔﺎﺕ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﺑﻐﺾ
ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ، ﻫﻢ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ
ﻗﺒﻞ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﺟﻴﺪﺍً ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻘﻌﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﺤﺮﻣﺎﺕ
ﻛﺎﻟﺮﺑﺎ ﻭﺍﻟﻘﻤﺎﺭ ﻭﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﺍﻟﻤﺤﺮﻣﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ
ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺛﻢ، ﻭﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﻌﻠﻢ ﻳﻘﻴﻨﺎً ﺃﻧﻪ ﻗﺪ
ﺗﻮﺭﻁ، ﻟﻜﻦ ﺣﺐ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺨﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮ
ﻳﺠﻌﻠﻬﻢ ﻳﺘﻤﺴﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﺤﺮﺍﻡ ﻭﺃﺣﺴﻦ ﻣﻨﻬﻢ
ﺣﺎﻻً ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻚ : ﺃﻋﻄﻨﻲ ﺇﺫﺍ ﺳﻤﺤﺖ
ﺍﻟﺒﺪﻳﻞ ﺣﺘﻰ ﺃﺗﺮﻙ ﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺮﻣﺎﺕ .
ﻓﻴﺎ ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﻴﻒ ﺗﺮﻳﺪ ﺍﻟﺒﺪﻳﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺃﻧﺖ ﻟﻢ ﺗﺘﺮﻙ ﺍﻟﻤﺤﺮﻡ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀً ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ، ﺛﻢ
ﺃﻧﺖ ﻭﺣﺪﻙ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺤﺮﻡ ﺍﻟﺬﻱ
ﻓﻌﻠﺘﻪ، ﻭﺍﻟﺒﺪﻳﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺮﻙ ﺃﻭﻻً .
ﻭﺛﺎﻧﻴﺎً : ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﻧﺖ ﻭﻏﻴﺮﻙ ﺑﺄﻥ
ﺍﻟﻔﺘﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻦ ﻳﺤﺼﻞ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺻﺪﻕ
ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻛﻤﻞ ﻳﻘﻴﻨﻪ ﺑﻤﻮﻋﻮﺩ ﺍﻟﻠﻪ .
ﻭﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﺗﺠﺎﺭﺏ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻣﻊ ﻫﺬﻩ
ﺍﻵﻳﺎﺕ ﻭﻛﻴﻒ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ
ﻭﺍﻟﺨﻮﻑ ﻣﻨﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻳﻔﺘﺢ ﺃﺳﺒﺎﺑﺎً ﻣﻦ
ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻟﻢ ﺗﺪﺭ ﻓﻲ ﺧﺎﻃﺮﻩ ﻳﻮﻣﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻫﺮ .
ﺇﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﻣﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺟﺮﺋﺔ ﻭﻋﺰﻳﻤﺔ
ﺇﻳﻤﺎﻧﻴﺔ ﻳﻌﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺭﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻭﺗﺮﻙ
ﺍﻟﻤﺤﺮﻡ، ﻭﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﺍﻟﻔﺮﺝ ﻣﻦ ﺭﺏ
ﻛﺮﻳﻢ ﺭﺣﻴﻢ ﻻ ﺗﻨﻘﺺ ﺧﺰﺍﺋﻨﻪ ﻭﻻ ﻳﻨﻘﻄﻊ
ﺧﻴﺮﻩ .
- ﻭﺃﻳﻀﺎً ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺆﺩﻳﺔ ﺇﻟﻰ
ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺮﺯﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ : ﺻﻠﺔ
ﺍﻟﺮﺣﻢ . ﻧﻌﻢ ﺻﻠﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ . ﻭﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ
ﺑﺎﻟﺮﺣﻢ ﻫﻢ ﺍﻷﻗﺎﺭﺏ، ﻭﻫﻢ ﻛﻞ ﻣﻦ
ﺑﻴﻨﻚ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﻧﺴﺐ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻮﻻﺩﺓ
ﺳﻮﺍﺀً ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻷﺏ ﺃﻭ
ﺍﻷﻡ .
ﻭﺻﻠﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﺑﻜﻞ
ﺃﻧﻮﺍﻋﻪ ﺣﺴﻴﺔ ﻭﻣﻌﻨﻮﻳﺔ، ﻭﺳﻮﺍﺀً ﻛﺎﻧﻮﺍ
ﺻﻐﺎﺭﺍً ﺃﻭ ﻛﺒﺎﺭﺍً ﻧﺴﺎﺀً ﺃﻭ ﺭﺟﺎﻻً ﻳﺴﻜﻨﻮﻥ
ﻓﻲ ﺑﻠﺪﻙ ﺃﻭ ﺑﻌﻴﺪﻭﻥ ﻋﻨﻚ، ﺭﻭﻯ ﺍﻻﻣﺎﻡ
ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : ﺳﻤﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ
ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ : )) ﻣﻦ
ﺳﺮﻩ ﺃﻥ ﻳﺒﺴﻂ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺭﺯﻗﻪ ﻭﺃﻥ ﻳﻨﺴﺄ ﻟﻪ
ﻓﻲ ﺃﺛﺮﻩ ﻓﻠﻴﺼﻞ ﺭﺣﻤﻪ (( ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺑﻮﺏ
ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻘﺎﻝ : ﺑﺎﺏ ﻣﻦ ﺑﺴﻂ
ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺑﺼﻠﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ .
ﻟﻌﻠﻚ ﺃﺧﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺗﺴﺘﻐﺮﺏ ﺇﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻗﺪ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻬﻢ ﺃﺑﻮﺍﺏ
ﺗﻠﻮ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻭﻫﻢ ﻗﻠﻴﻠﻮ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ
ﻭﺿﻌﻴﻔﻮ ﺍﻟﺨﺒﺮﺓ ﻗﻴﺎﺳﺎً ﺑﻐﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ
ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ، ﻭﻟﻜﻨﻚ
ﺇﺫﺍ ﻓﺘﺸﺖ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﻪ ﻭﺟﺪﺗﻪ ﻣﻤﻦ ﻳﺼﻞ
ﺭﺣﻤﻪ، ﺑﻞ ﻻ ﺗﺴﺘﻐﺮﺏ ﺃﺧﻲ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﺇﺫﺍ
ﺃﺧﺒﺮﺗﻚ ﺑﺄﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﺼﺎﺓ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﻕ ﺑﻞ
ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﺠﺮﺓ ﻗﺪ ﺗﻨﻤﻮ ﺃﻣﻮﺍﻟﻬﻢ ﺑﺴﺒﺐ
ﺻﻠﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ، ﺍﺳﻤﻊ ﻟﻤﺎ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ
ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ﺑﺴﻨﺪ ﺟﻴﺪ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮﺓ
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : ))ﻣﺎ ﻣﻦ ﺫﻧﺐ ﺃﺟﺪﺭ ﺃﻥ
ﻳﻌﺠﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻓﻲ
ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﺪﺧﺮﻩ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻟﻪ
ﻣﻦ ﻗﻄﻌﻴﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ، ﻭﺍﻟﺨﻴﺎﻧﺔ، ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ،
ﻭﺇﻥ ﺃﻋﺠﻞ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﺛﻮﺍﺑﺎ ﺻﻠﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ،
ﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻟﻴﻜﻮﻧﻮﺍ ﻓﺠﺮﺓ،
ﻓﺘﻨﻤﻮ ﺃﻣﻮﺍﻟﻬﻢ، ﻭﻳﻜﺜﺮ ﻋﺪﺩﻫﻢ، ﺇﺫﺍ
ﺗﻮﺍﺻﻠﻮﺍ (( .
ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻳﻔﺴﺮ ﻟﻨﺎ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺭﺑﻤﺎ
ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﺳﺘﻐﺮﺍﺏ ﻋﻨﺪ ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ، ﻧﻌﻢ
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻷﺣﺒﺔ : )) ﺇﻥ ﺍﻫﻞ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻟﻴﻜﻮﻧﻮﺍ
ﻓﺠﺮﻩ، ﻓﺘﻨﻤﻮ ﺃﻣﻮﺍﻟﻬﻢ، ﻭﻳﻜﺜﺮ ﻋﺪﺩﻫﻢ،
ﺇﺫﺍ ﺗﻮﺍﺻﻠﻮﺍ (( .
- ﻭﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻓﺘﺢ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺮﺯﻕ : ﺍﻹﻧﻔﺎﻕ ﻓﻲ
ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ . ﻓﻤﺘﻰ ﻣﺎ ﺃﻧﻔﻘﺖ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻳﺎ ﻋﺒﺪ
ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺳﺒﺒﺎً ﻟﻜﺜﺮﺗﻪ، ﻭﻫﺬﻩ ﻗﺎﻋﺪﺓ
ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺮﺯﻕ، ﻛﻠﻤﺎ ﺃﺧﺮﺟﺖ ﺯﺍﺩ
ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻻ ﻛﻤﺎ ﻳﻈﻦ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﻮﻥ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻨﻘﺺ ﺇﺫﺍ
ﺃﺧﺮﺝ ﺯﻛﺎﺗﻪ ﺃﻭ ﺗﺼﺪﻕ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
ﻭﻣﺎ ﺃﻧﻔﻘﺘﻢ ﻣﻦ ﺷﻲﺀ ﻓﻬﻮ ﻳﺨﻠﻔﻪ ﻭﻫﻮ ﺧﻴﺮ
ﺍﻟﺮﺍﺯﻗﻴﻦ ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ
ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ : ﺃﻱ ﻣﻬﻤﺎ ﺃﻧﻔﻘﺘﻢ ﻣﻦ ﺷﻲﺀ
ﻣﻤﺎ ﺃﻣﺮﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﻭﺃﺑﺎﺣﻪ ﻟﻜﻢ ﻓﻬﻮ ﻳﺨﻠﻔﻜﻢ
ﻭﻳﺨﻠﻔﻪ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺎﻟﺒﺪﻝ، ﻭﻓﻲ
ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺑﺎﻟﺠﺰﺍﺀ ﻭﺍﻟﺜﻮﺍﺏ، ﻭﻟﺬﺍ ﻟﻤﺎ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺑﺎﻹﻧﻔﺎﻕ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺪ
ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻳﻌﺪﻛﻢ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﻳﺄﻣﺮﻛﻢ
ﺑﺎﻟﻔﺤﺸﺎﺀ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻳﻌﺪﻛﻢ ﻣﻐﻔﺮﺓ ﻣﻨﻪ ﻭﻓﻀﻼً
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﺳﻊ ﻋﻠﻴﻢ ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺭﺣﻤﻪ
ﺍﻟﻠﻪ : ﺇﻥ ﻭﻋﺪ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻻﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﺑﺎﻟﻔﻘﺮ ﻟﻴﺲ
ﺷﻔﻘﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻟﻴﺲ ﻧﺼﻴﺤﺔ ﻟﻪ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ
ﻭﺟﻞ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻌﺪ ﻋﺒﺪﻩ ﻣﻐﻔﺮﺓ ﻣﻨﻪ ﻟﺬﻧﻮﺑﻪ
ﻭﻓﻀﻼً ﺑﺄﻥ ﻳﺨﻠﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺃﻧﻔﻖ
ﻭﺃﺿﻌﺎﻓﻪ، ﺇﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ
ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ . ﺭﻭﻯ ﻣﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ
ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : ))ﻳﺎ
ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﺃﻧﻔﻖ ﺃﻧﻔﻖ ﻋﻠﻴﻚ (( .
)) ﻣﺎ ﻣﻦ ﻳﻮﻡ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻓﻴﻪ ﺇﻻ ﻣﻠﻜﺎﻥ
ﻳﻨﺰﻻﻥ ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺃﺣﺪﻫﺎ : ﺃﻟﻠﻬﻢ ﺃﻋﻂ ﻣﻨﻔﻘﺎً
ﺧﻠﻔﺎً، ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻵﺧﺮ : ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﻋﻂ ﻣﻤﺴﻜﺎً ﺗﻠﻔﺎ ((
ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ . )) ﺃﻧﻔﻖ
ﻳﺎ ﺑﻼﻝ ﻭﻻ ﺗﺨﺶ ﻣﻦ ﺫﺍ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﺇﻗﻼﻻ ((
ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ .
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻻ ﻳﺘﺼﻮﺭ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﻨﻔﻘﻴﻦ، ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﻴﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ
ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻔﻘﻮﻥ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ
ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻭﻫﺬﺍ
ﺧﻄﺄ، ﻷﻥ ﻛﻼً ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻨﻔﻖ ﺑﺤﺴﺒﻪ
ﻭﻭﺿﻌﻪ ﻭﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺗﻪ، ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺮﻳﺎﻝ
ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﻔﻘﻪ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺼﺪﻕ
ﻭﺇﺧﻼﺹ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠﻴﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻔﻘﻪ
ﻏﻴﺮﻙ ﻷﻧﻪ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﺸﻬﺮﺓ ﻣﺜﻼً، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻫﻮ ﺃﻋﻠﻢ
ﺑﺎﻟﻨﻴﺎﺕ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻳﺪ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺯﻳﻨﺘﻬﺎ ﻧﻮﻑ ﻟﻬﻢ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ
ﻭﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻻ ﻳﺒﺨﺴﻮﻥ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﻴﺲ
ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺇﻻ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﺣﺒﻂ ﻣﺎ ﺻﻨﻌﻮﺍ
ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺑﺎﻃﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﻭﺍﻋﻠﻢ ﺑﺄﻥ
ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻀﻌﻔﺎﺀ
ﻭﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺟﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻷﻥ
ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ : )) ﻫﻞ
ﺗﻨﺼﺮﻭﻥ ﻭﺗﺮﺯﻗﻮﻥ ﺇﻻ ﺑﻀﻌﻔﺎﺋﻜﻢ (( .
- ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻟﻜﺴﺐ
ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﺘﻌﺒﺪ ﺍﻟﺤﻖ ﻟﻠﻪ ﻋﺰ
ﻭﺟﻞ ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﻌﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻘﻠﺐ ﻓﺎﺭﻍ
ﻋﻤﺎ ﺳﻮﺍﻩ، ﻻ ﺗﻌﺒﺪ ﺭﺑﻚ ﻭﺃﻧﺖ ﺗﻔﻜﺮ
ﻓﻲ ﻏﻴﺮﻩ، ﺭﻭﻯ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ
ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ
ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : )) ﺇﻥ
ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻘﻮﻝ : ﻳﺎ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ : ﺗﻔﺮﻍ
ﻟﻌﺒﺎﺩﺗﻰ ﺃﻣﻸ ﺻﺪﺭﻙ ﻏﻨﻰ، ﻭﺃﺳﺪ
ﻓﻘﺮﻙ، ﻭﺇﻥ ﻻ ﺗﻔﻌﻞ ﻣﻸﺕ ﻳﺪﻳﻚ
ﺷﻐﻼً، ﻭﻟﻢ ﺃﺳﺪ ﻓﻘﺮﻙ (( ﺣﺪﻳﺚ
ﺻﺤﻴﺢ . ﻭﺍﻟﺘﻔﺮﻍ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﺃﻳﻬﺎ
ﺍﻷﺣﺒﺔ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﺗﺮﻙ ﻛﺴﺐ ﺍﻟﺮﺯﻕ
ﻓﻴﺼﻴﺮ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻋﺎﻟﺔً ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻩ، ﺑﻞ
ﺫﻟﻚ ﺑﺄﻥ ﻳﻔﺮﻍ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻗﻠﺒﻪ ﺃﺛﻨﺎﺀ
ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻋﻤﺎ ﺳﻮﺍﻩ، ﻓﻤﺜﻼً ﺍﻟﺼﻼﺓ، ﻻ
ﺗﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﻠﻮﻥ ﺑﺄﺟﺴﺎﺩﻫﻢ
ﻭﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﺗﺤﻠﻖ ﻳﻤﻴﻨﺎً ﻭﺷﻤﺎﻻً . ﻧﺴﺄﻝ
ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﻨﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ .
ﻧﻔﻌﻨﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺇﻳﺎﻛﻢ ﺑﻬﺪﻱ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻭﺍﺗﺒﺎﻉ ﺳﻨﺔ
ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﺃﻗﻮﻝ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺃﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻲ ﻭﻟﻜﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺫﻧﺐ
ﻭﺧﻄﻴﺌﺔ ﻓﺎﺳﺘﻐﻔﺮﻭﻩ ﺇﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﻐﻔﻮﺭ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ .
ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ
ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ :
ﻭﺃﻳﻀﺎً ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻓﻲ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻓﻲ
ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ : ﺍﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﺞ ﻭﺍﻟﻌﻤﺮﺓ، ﻭﺫﻟﻚ
ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﻛﻠﻤﺎ ﺳﻨﺤﺖ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ
ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﺤﺞ ﺃﻭ ﻋﻤﺮﺓ، ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻣﺮ ﻗﺪ
ﻻ ﻳﺘﻔﻄﻦ ﻟﻪ ﻛﺜﻴﺮﻭﻥ : ﺃﻧﻬﻢ ﺇﺫﺍ ﺫﻫﺒﻮﺍ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺤﺞ ﻭﺍﻟﻌﻤﺮﺓ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺳﺒﺒﺎً ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻟﻠﻪ
ﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻭﺍﻟﻤﺎﻝ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ
ﻗﺪﻳﺮ ﻭﻓﻀﻠﻪ ﻭﺍﺳﻊ، ﺭﻭﻯ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ
ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺭﺿﻲ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ
ﻗﺎﻝ : ))ﺗﺎﺑﻌﻮﺍ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﺞ ﻭﺍﻟﻌﻤﺮﺓ (( ﻭﻓﻲ
ﺭﻭﺍﻳﺔ : ))ﺃﺩﻳﻤﻮﺍ ﺍﻟﺤﺞ ﻭﺍﻟﻌﻤﺮﺓ، ﻓﺈﻧﻬﻤﺎ
ﻳﻨﻔﻴﺎﻥ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻛﻤﺎ ﻳﻨﻔﻲ ﺍﻟﻜﻴﺮ ﺧﺒﺚ
ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ ﻭﺍﻟﺬﻫﺐ ﻭﺍﻟﻔﻀﺔ (( .
- ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺃﻳﻀﺎً : ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻭﻣﻦ ﻳﻬﺎﺟﺮ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ
ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺠﺪ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﺮﺍﻏﻤﺎً ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻭﺳﻌﺔ
ﻭﻣﻌﻨﻰ ﻣﺮﺍﻏﻤﺎً : ﺃﻱ ﺳﺒﺒﺎً ﻹﺭﻏﺎﻡ ﺃﻧﻒ ﺃﻋﺪﺍﺀ
ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﺭﺟﺎﻝ ﻫﺎﺟﺮﻭﺍ ﻓﺄﻏﺎﻇﻮﺍ ﺃﻋﺪﺍﺀ
ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻓﻴﺤﺼﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﻌﺔ،
ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺴﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻛﻤﺎ ﻓﺴﺮﻫﺎ ﺣﺒﺮ ﺍﻷﻣﺔ
ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ .
- ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ : ﺍﻟﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻖ
ﺍﻟﺘﻮﻛﻞ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﻥ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺣﺪﻩ ﻓﺘُﻈﻬِﺮ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻋﺠﺰﻙ ﻭﺍﻋﺘﻤﺎﺩﻙ
ﻋﻠﻰ ﺧﺎﻟﻘﻚ، ﺭﻭﻯ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻦ
ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : )) ﻟﻮ ﺃﻧﻜﻢ
ﺗﺘﻮﻛﻠﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻖ ﺗﻮﻛﻠﻪ ﻟﺮﺯﻗﻜﻢ ﻛﻤﺎ
ﻳﺮﺯﻕ ﺍﻟﻄﻴﺮ، ﺗﻐﺪﻭ ﺧﻤﺎﺻﺎً ﻭﺗﺮﻭﺡ ﺑﻄﺎﻧﺎ (( .
- ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ : ﺃﻥ ﺗﻨﻔﻖ ﺃﺧﻲ
ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺒﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ
ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ، ﻭﻫﺬﺍ ﺑﺎﺏ ﻣﻊ ﻛﻞ ﺃﺳﻒ
ﻏﻔﻞ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻭﻥ، ﻓﺘﺮﺍﻩ ﻳﻨﻔﻖ
ﻋﻠﻰ ﻓﻘﻴﺮ ﻣﺤﺘﺎﺝ، ﻟﻜﻦ ﺇﺫﺍ ﺩﻋﻲ
ﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﺩﻋﻮﻱ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻃﻠﺐ ﻋﻠﻢ
ﺷﺮﻋﻲ، ﺃﻭ ﺣﻠﻘﺎﺕ ﺗﺤﻔﻴﻆ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ
ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺗﺮﺍﻩ ﻳﺤﺠﻢ ﻭﻻ
ﻳﺸﺎﺭﻙ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﺳﺪ ﺣﺎﺟﺔ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ
ﺃﻭﻟﻰ، ﻭﻫﺬﺍ ﺧﻄﺄ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً .
ﺧﺬ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ : ﺍﻹﻧﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻓﻲ
ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ
ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺇﻃﻌﺎﻡ ﻓﻘﻴﺮ، ﻷﻥ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﻻ
ﻳﻤﻮﺕ ﺟﻮﻋﺎً، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﺇﺫﺍ ﻋﻄّﻞ ﻓﻲ
ﺍﻷﻣﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻵﻥ ﻓﺈﻥ ﺍﻷﻣﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻗﺪ
ﺗﻨﻜﺐ ﻭﻳﺼﻴﺒﻬﺎ ﺍﻟﺬﻝ ﻭﺍﻟﻬﻮﺍﻥ، ﻭﻟﻴﺲ
ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﺑﺄﻗﻞ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ
ﻷﻥ ﺫﺍﻙ ﺟﻬﺎﺩ ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ ﻭﺍﻟﺴﻨﺎﻥ، ﻭﻫﺬﺍ
ﺟﻬﺎﺩ ﺑﺎﻟﻘﻠﻢ ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﻥ، ﻭﺍﻷﻣﺔ ﻣﺤﺘﺎﺟﺔ
ﻟﻸﻣﺮﻳﻦ ﻣﻌﺎً , ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻦ ﺃﻧﺲ
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ : ﻛﺎﻥ ﺇﺧﻮﺍﻧﻲ ﻋﻠﻰ
ﻋﻬﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻓﻜﺎﻥ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﺭﺡ : ﺃﻧﻪ ﻳﺄﺗﻴﻪ
ﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ – ﻭﺍﻵﺧﺮ ﺗﺤﺘﺮﻑ – ﻳﻌﻨﻲ
ﻋﻨﺪﻩ ﺻﻨﻌﺔ – ﻓﺸﻜﻰ ﺍﻟﻤﺤﺘﺮﻑ ﺃﺧﺎﻩ
ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎﻝ
ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : )) ﻟﻌﻠﻚ
ﺗﺮﺯﻕ ﺑﻪ (( .
ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺑﻌﺾ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺘﻔﺮﻏﻴﻦ
ﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﺩﺍﺧﻠﻮﻥ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ
ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻟﻠﻔﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺣﺼﺮﻭﺍ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ
ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﺿﺮﺑﺎً ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻳﺤﺴﺒﻬﻢ
ﺍﻟﺠﺎﻫﻞ ﺃﻏﻨﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﻔﻒ ﺗﻌﺮﻓﻬﻢ ﺑﺴﻴﻤﺎﻫﻢ
ﻻ ﻳﺴﺄﻟﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﺤﺎﻓﺎً .
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ : ﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ
ﻭﺍﻟﺴﻌﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻣﺮ ﻳﺤﺮﺹ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻼ
ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺀ، ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻳﻀﺎً ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ﻣﻦ ﺳﻠﻚ
ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺮ ﺫﻛﺮﻫﺎ . ﻭﺧﻴﺮ
ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﺃﻥ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﻫﻤﺔ ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺒﺪ،
ﻓﻴﻨﻈﺮ ﺑﺒﺼﻴﺮﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﻧﻌﻴﻢ ﺍﻵﺧﺮﺓ، ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ
ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻠﺤﻘﻬﺎ ﻓﻨﺎﺀ ﻭﻻ ﻳﻜﺪﺭ ﺻﻔﻮﻫﺎ
ﻣﻮﺕ ﺃﻭ ﻣﺮﺽ، ﻭﻟﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺩﻋﺎﺀ ﺍﻟﻨﺒﻲ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : )) ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻻ ﻋﻴﺶ ﺇﻻ
ﻋﻴﺶ ﺍﻵﺧﺮﺓ ((
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻟﻘﻤﺔ
ﺍﻟﻌﻴﺶ، ﺗﺮﻯ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻗﺪ ﺗﻐﺮﺏ ﻋﻦ ﺃﻫﻠﻪ
ﻭﻭﻃﻨﻪ، ﻭﺁﺧﺮﻳﻦ ﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﻫﻬﻢ
ﺍﻟﺘﻌﺐ ﻭﺍﻻﺟﻬﺎﺩ ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﻓﻲ ﺟﻤﻊ
ﺍﻟﻤﺎﻝ . ﻭﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ ﺁﺧﺮ ﻳﻌﻴﺶ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕ
ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﻇﻔﻴﻦ ﻭﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﺗﺤﺖ ﺭﺣﻤﺔ ﺃﺭﺑﺎﺏ
ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻜﻔﻼﺀ ﻓﺘﺮﻯ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ
ﻳﻌﺼﺮﻩ، ﻫﻤﻪ ﺍﻟﺨﺼﻮﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﻣﺮﺗﺒﻪ، ﻓﻨﻬﺎﺭﻩ
ﻳﺘﺮﻗﺐ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻣﻦ ﺭﺋﻴﺴﻪ ﺍﻟﺘﻲ
ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﻭﺑﺮﺍﺗﺒﻪ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻪ
ﻛﻮﺍﺑﻴﺲ ﺷﺘﻰ ﻓﻬﻮ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺭﻕ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ
ﻟﻴﻠﻪ ﻭﻧﻬﺎﺭﻩ .
ﻭﻳﺴﻬﻢ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻷﺣﺒﺔ ﺇﺳﻬﺎﻣﺎً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﻓﻲ ﺟﻌﻞ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻇﻮﺍﻫﺮ ﺫﺍﺕ ﻧﻄﺎﻕ ﻭﺍﺳﻊ ﻓﺌﺔ
ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﻣﻤﻦ ﻻ
ﻳﺨﺎﻓﻮﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ، ﻳﺘﻌﺎﻣﻠﻮﻥ ﻣﻊ
ﺍﻟﻤﻮﻇﻒ ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻌﺎﻣﻠﻮﻥ ﻣﻊ ﺍﻵﻻﺕ،
ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺨﺼﻮﻡ .
ﻫﺬﻩ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻻ ﻳﺼﻔﻮ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺎﻝ ﺇﻻ
ﺑﺸﺊ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺪﺭ .
ﻓﻨﺬﻛﺮ ﺇﺧﻮﺍﻧﻨﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻼﻑ
ﻃﺒﻘﺎﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﻏﻨﻲ ﻭﻓﻘﻴﺮ ﻭﻛﻔﻴﻞ ﻭﻣﻜﻔﻮﻝ
ﻭﺭﺋﻴﺲ ﻭﻣﺮﺅﻭﺱ، ﻧﺬﻛﺮﻫﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻟﻦ
ﻳﺼﻠﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻗﺪّﺭ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻬﻢ، ﻓﻘﺪ
ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ ﺭﺯﻗﻚ ﻳﺎ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﻭﺃﻧﺖ
ﻓﻲ ﺑﻄﻦ ﺃﻣﻚ .
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ : ﻳﻮﺟﺪ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ
ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺑﺄﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻌﺘﻘﺪ
ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻻ ﺗﺠﺘﻤﻊ ﻣﻊ ﺍﻟﻐﻨﻰ، ﻭﻫﺬﺍ
ﺳﻮﺀ ﻇﻦ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ .
ﺇﻧﻚ ﺃﺧﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺗﺪﻋﻮ ﺭﺑﻚ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺻﻼﺓ
ﻓﺘﻘﻮﻝ : ﺭﺑﻨﺎ ﺁﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻓﻲ
ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻗﻨﺎ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻬﻞ ﺗﺪﺭﻙ
ﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ؟ ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ
ﻳﺪﻋﻮ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ .
ﺇﻧﻪ ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﺮﺏ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺃﻥ ﻳﺆﺗﻴﻚ ﻣﻦ
ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﺎ ﺗﺘﻌﻔﻒ ﺑﻪ ﻋﻦ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﺗﻜﺘﻤﻞ ﻟﻚ
ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺗﺎﻥ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺳﻌﺎﺩﺓ ﺍﻵﺧﺮﺓ .
ﺇﺫﻥ ﺷﺮﻉ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻬﻤﻞ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻭﻛﺴﺐ
ﺍﻟﻌﻴﺶ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺸﺮﻉ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻘﺎً ﻣﻦ
ﺃﻋﻈﻢ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺮﺯﻕ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻤﺎ ﺟﺎﺀ
ﺑﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ .
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻷﺣﺒﺔ : ﺳﺄﺫﻛﺮ ﻟﻜﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ
ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺷﺮﻉ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ
ﻛﺴﺐ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻭﺯﻳﺎﺩﺗﻪ ﻭﻧﻤﺎﺀﻩ، ﻟﻜﻦ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ
ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻧﻌﻠﻢ ﺟﻴﺪﺍً ﺑﺄﻥ ﻣﺎ ﻳُﺬﻛﺮ ﻻ ﻳﻨﺘﻔﻊ
ﺑﻪ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻭﺇﻥ ﻓﻌﻠﻪ ﻭﻃﺒﻘﻪ ﺇﺫﺍ ﺿﻌﻒ ﻳﻘﻴﻨﻪ
ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻫﺬﺍ ﺇﻥ ﻓﻌﻞ ﻓﻜﻴﻒ ﺑﺎﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﻣﺎ
ﻳﺬﻛﺮ ﺑﻪ، ﻓﺎﺣﺬﺭ ﺃﺧﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻭﺃﻧﺖ ﺗﺴﻤﻊ
ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﺃﻥ ﻳﻀﻌﻒ ﻳﻘﻴﻨﻚ
ﻓﻲ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻓﻲ ﻛﻼﻡ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﺮﻕٌ ﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﻳﻌﻤﻞ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﻫﻮ
ﻳﺴﺘﻴﻘﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﻋﺪﻩ ﺻﺪﻕ
ﻭﻛﻼﻣﻪ ﺣﻖ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﻳﻘﺮﺋﻪ ﻭﻫﻮ ﻣﺘﺮﺩﺩ ﻓﻲ
ﺫﻟﻚ .
ﺇﻥ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ
ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ : ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻴﻪ
ﻭﺍﺳﺘﻐﻔﺎﺭﻩ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻓﻘﻠﺖ
ﺍﺳﺘﻐﻔﺮﻭﺍ ﺭﺑﻜﻢ ﺇﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻏﻔﺎﺭﺍً ﻳﺮﺳﻞ
ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻣﺪﺭﺍﺭﺍً ﻭﻳﻤﺪﺩﻛﻢ ﺑﺄﻣﻮﺍﻝ
ﻭﺑﻨﻴﻦ ﻭﻳﺠﻌﻞ ﻟﻜﻢ ﺟﻨﺎﺕ ﻭﻳﺠﻌﻞ ﻟﻜﻢ ﺃﻧﻬﺎﺭﺍً
.
ﻧﻌﻢ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﺌﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﻐﻔﺮﻳﻦ ﺭﺑﻤﺎ
ﻳﺴﺘﻐﻔﺮﻭﻥ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻻ ﻳﺰﺩﺍﺩﻭﻥ ﺇﻻ ﻓﻘﺮﺍً،
ﻓﺘﺴﺄﻝ؟ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ : ﺃﻧﻪ ﺍﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻓﻘﻂ،
ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺑﻤﺎ ﺃﻧﺖ ﺗﺴﺘﻐﻔﺮﻩ ﻛﻞ
ﻳﻮﻡ ﻭﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﺻﻼﺓ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ
ﺍﻟﻌﺒﺚ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﺍﺳﺘﻐﻔﺎﺭﻙ ﺃﺧﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺩﻭﻥ
ﻭﻋﻲ ﻭﺩﻭﻥ ﻋﻤﻞ ﺭﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻧﺒﺎً ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻚ
ﺃﻥ ﺗﻘﻠﻊ ﻣﻨﻪ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻝ ﺃﺣﺪﻫﻢ : ﺍﺳﺘﻐﻔﺮ
ﺍﻟﻠﻪ، ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﻗﻠﺘﻬﺎ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ . ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ
ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ : ﺇﻱ ﺇﺫﺍ ﺗﺒﺘﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺍﺳﺘﻐﻔﺮﺗﻤﻮﻩ ﻭﺃﻃﻌﺘﻤﻮﻩ ﻛﺜﺮ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻋﻠﻴﻜﻢ،
ﻭﺳﻘﺎﻛﻢ ﺭﺑﻜﻢ ﻣﻦ ﺑﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﻭﺃﻧﺒﺖ ﻟﻜﻢ
ﻣﻦ ﺑﺮﻛﺎﺕ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺃﻧﺒﺖ ﻟﻜﻢ ﺍﻟﺰﺭﻉ ﻭﺃﺩﺭّ
ﻟﻜﻢ ﺍﻟﻀﺮﻉ ﻭﺃﻣﺪﻛﻢ ﺑﺄﻣﻮﺍﻝ ﻭﺑﻨﻴﻦ ﺃﻱ
ﺃﻋﻄﺎﻛﻢ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺍﻷﻭﻻﺩ، ﻭﺟﻌﻞ ﻟﻜﻢ ﺟﻨﺎﺕ
ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺜﻤﺎﺭ ﻭﺧﻠﻠﻬﺎ ﺑﺎﻷﻧﻬﺎﺭ ﺍﻟﺠﺎﺭﻳﺔ
ﺑﻴﻨﻬﺎ .
ﻗﻞ ﻟﻲ ﺑﺮﺑﻚ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ : ﻫﻞ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ
ﺍﻷﻳﺎﻡ - ﻭﺍﺳﺘﻌﺮﺽ ﺷﺮﻳﻂ ﺣﻴﺎﺗﻚ - ﻫﻞ ﻓﻲ
ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻟﻤﺎ ﺿﺎﻗﺖ ﺑﻚ ﺍﻟﺴﺒﻞ ﻭﺿﺎﻕ
ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻤﻌﺎﺵ ﻟﺠﺄﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ
ﺑﺎﻹﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﻮﺑﺔ . ﺃﺩﻉ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻟﻚ .
ﺷﻜﻰ ﺭﺟﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ﺷﺪﺓ ﺍﻟﺠﺪﺏ
ﻭﻧﻘﺺ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﺍﺳﺘﻐﻔﺮﺍﻟﻠﻪ . . ﻭﺷﻜﻰ
ﺁﺧﺮ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﺍﺳﺘﻐﻔﺮﺍﻟﻠﻪ . . ﻭﻗﺎﻝ
ﺛﺎﻟﺚ : ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﺳﻌﻴﺪ ﺃﺩﻋﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﺮﺯﻗﻨﻲ
ﺍﻟﻮﻟﺪ ﻓﺈﻧﻲ ﻋﻘﻴﻢ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﺍﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ . .
ﻭﺷﻜﻰ ﺭﺍﺑﻊ ﺟﻔﺎﻑ ﺑﺴﺘﺎﻧﻪ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ : ﺍﺳﺘﻐﻔﺮ
ﺍﻟﻠﻪ . . ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺠﺎﻟﺴﻴﻦ : ﺃﺗﺎﻙ ﺭﺟﺎﻻً
ﻳﺸﻜﻮﻥ ﺃﻧﻮﺍﻋﺎً ﻓﺄﻣﺮﺗﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﺑﺎﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ،
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻘﻮﻝ :
ﻓﻘﻠﺖ ﺍﺳﺘﻐﻔﺮﻭﺍ ﺭﺑﻜﻢ ﺇﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻏﻔﺎﺭﺍً
ﻳﺮﺳﻞ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻣﺪﺭﺍﺭﺍً ﻭﻳﻤﺪﺩﻛﻢ
ﺑﺄﻣﻮﺍﻝ ﻭﺑﻨﻴﻦ ﻭﻳﺠﻌﻞ ﻟﻜﻢ ﺟﻨﺎﺕ ﻭﻳﺠﻌﻞ
ﻟﻜﻢ ﺃﻧﻬﺎﺭﺍً .
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ : ﻭﻣﻤﻦ ﺗﻔﻄﻦ ﻟﺜﻤﺮﺓ ﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ
ﻭﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻧﺒﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﻮﺩ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ : ﻭﻳﺎ ﻗﻮﻡ ﺍﺳﺘﻐﻔﺮﻭﺍ
ﺭﺑﻜﻢ ﺛﻢ ﺗﻮﺑﻮﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﻳﺮﺳﻞ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻋﻠﻴﻜﻢ
ﻣﺪﺭﺍﺭﺍً ﻭﻳﺰﺩﻛﻢ ﻗﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﺗﻜﻢ ﻭﻻ ﺗﺘﻮﻟﻮﺍ
ﻣﺠﺮﻣﻴﻦ .
ﻓﻴﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻷﺣﺒﺔ ﺇﻥ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻖ ﻭﺻﺪﻕ،
ﻓﺈﺫﺍ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻐﻔﺮﺕ ﻳﺎ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻟﻢ ﺗﺠﺪ
ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻓﺎﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻠﻞ ﻓﻴﻚ ﺃﻧﺖ ﻻ ﻓﻲ
ﻏﻴﺮﻙ، ﻭﺃﻥ ﺍﺳﺘﻐﻔﺎﺭﻙ ﻟﻢ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ،
ﻓﺎﺑﺤﺚ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﻚ ﻭﻓﺘﺶ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻚ، ﻟﻌﻠﻚ
ﻭﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﺫﻧﺐ ﻋﻈﻴﻢ ﺣﺮﻣﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺴﺒﺒﻪ ﺃﺛﺮ
ﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ .
ﻭﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺮﺯﻕ، ﺑﻞ ﻭﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺃﺳﺒﺎﺏ
ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ : ﺗﻘﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺮ
ﻭﺍﻟﻌﻠﻦ ﻭﺍﻟﺨﻮﻑ ﻣﻨﻪ ﻭﺍﻣﺘﺜﺎﻝ ﺃﻣﺮﻩ ﻭﺍﺟﺘﻨﺎﺏ
ﻧﻬﻴﻪ ﻭﺍﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
ﻭﻣﻦ ﻳﺘﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺠﻌﻞ ﻟﻪ ﻣﺨﺮﺟﺎً ﻭﻳﺮﺯﻗﻪ
ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺤﺘﺴﺐ ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﺭﺣﻤﻪ
ﺍﻟﻠﻪ : ﺃﻱ ﻭﻣﻦ ﻳﺘﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﻣﺮﻩ ﺑﻪ ﻭﺗﺮﻙ ﻣﺎ
ﻧﻬﺎﻩ ﻋﻨﻪ ﻳﺠﻌﻞ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻩ ﻣﺨﺮﺟﺎً ﻭﻳﺮﺯﻗﻪ
ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺤﺘﺴﺐ، ﺃﻱ ﻣﻦ ﺟﻬﺔٍ ﻻ ﻳﺨﻄﺮ
ﺑﺒﺎﻟﻪ .
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ : ﺇﻥ ﺃﻛﺒﺮ ﺁﻳﺔ
ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﺮﺣﺎً ﻭﻣﻦ ﻳﺘﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺠﻌﻞ ﻟﻪ
ﻣﺨﺮﺟﺎً .
ﻭﻗﺎﻝ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻭﻟﻮ ﺃﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻯ
ﺁﻣﻨﻮﺍ ﻭﺍﺗﻘﻮﺍ ﻟﻔﺘﺤﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺮﻛﺎﺕ ﻣﻦ
ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﻟﻜﻦ ﻛﺬﺑﻮﺍ ﻓﺄﺧﺬﻧﺎﻫﻢ ﺑﻤﺎ
ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻜﺴﺒﻮﻥ ﺃﻳﻦ ﻧﺤﻦ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ
ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ
ﺍﻵﻳﺎﺕ، ﺃﻳﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺨﺎﻓﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺯﺍﻗﻬﻢ ﺇﺫﺍ
ﺗﺮﻛﻮﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﺤﺮﻡ، ﺃﻳﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﻧﻪ
ﻟﻦ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺭﺑﻂ
ﺑﺎﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻣﻦ ﻳﻬﻮﺩ ﻭﻧﺼﺎﺭﻯ، ﺃﻻ
ﻳﻘﺮﺅﻭﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ : ﻭﻟﻮ ﺃﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻯ
ﺁﻣﻨﻮﺍ ﻭﺍﺗﻘﻮﺍ ﻟﻔﺘﺤﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺮﻛﺎﺕ ﻣﻦ
ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﺇﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺭﺯﻗﺎً ﺑﺴﻴﻄﺎً
ﺗﺤﺼﻞ ﺑﻪ ﺍﻟﻜﻔﺎﻳﺔ، ﻛﻼ، ﻟﻜﻨﻪ ﻓﺘﺢ ﻣﻦ
ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻓﺘﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﻭﻟﻮ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﺏ
ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻟﻠﻌﺒﺪ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻷﻣﺔ ﻓﻤﻦ ﺍﻟﺬﻱ
ﺳﻴﻤﻨﻌﻪ ﺃﻭ ﻳﻮﻗﻔﻪ ﺃﻭ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻘﺼﻪ ﻭﻳﻘﻠﻠﻪ،
ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﻳﺮﺑﻄﻮﻥ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻫﻢ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎﺭ؟ ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ
ﻳﺨﺎﻓﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﺯﻣﺎﺕ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ
ﻭﺑﻴﻦ ﺃﻳﺪﻳﻨﺎ ﺇﻥ ﻛﻨﺎ ﻣﺴﻠﻤﻴﻦ ﺣﻘﺎً ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺎﺕ
ﺍﻟﻮﺍﺿﺤﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﻨﺎﺕ . ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻭﻟﻮ
ﺃﻧﻬﻢ ﺃﻗﺎﻣﻮﺍ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺓ ﻭﺍﻻﻧﺠﻴﻞ ﻭﻣﺎ ﺃﻧﺰﻝ ﺇﻟﻴﻬﻢ
ﻣﻦ ﺭﺑﻬﻢ ﻷﻛﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﻓﻮﻗﻬﻢ ﻭﻣﻦ ﺗﺤﺖ
ﺃﺭﺟﻠﻬﻢ ﻭﻗﺎﻝ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ : ﻭﺃﻟّﻮﺍ
ﺍﺳﺘﻘﺎﻣﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻷﺳﻘﻴﻨﺎﻫﻢ ﻣﺎﺀً ﻏﺪﻗﺎً
ﻭﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : ﻟﺌﻦ ﺷﻜﺮﺗﻢ ﻷﺯﻳﺪﻧﻜﻢ
.
ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ
ﻭﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺑﻞ ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻮﻇﻔﻴﻦ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ
ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻘﻌﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﺨﺎﻟﻔﺎﺕ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﺑﻐﺾ
ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ، ﻫﻢ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ
ﻗﺒﻞ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﺟﻴﺪﺍً ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻘﻌﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﺤﺮﻣﺎﺕ
ﻛﺎﻟﺮﺑﺎ ﻭﺍﻟﻘﻤﺎﺭ ﻭﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﺍﻟﻤﺤﺮﻣﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ
ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺛﻢ، ﻭﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﻌﻠﻢ ﻳﻘﻴﻨﺎً ﺃﻧﻪ ﻗﺪ
ﺗﻮﺭﻁ، ﻟﻜﻦ ﺣﺐ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺨﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮ
ﻳﺠﻌﻠﻬﻢ ﻳﺘﻤﺴﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﺤﺮﺍﻡ ﻭﺃﺣﺴﻦ ﻣﻨﻬﻢ
ﺣﺎﻻً ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻚ : ﺃﻋﻄﻨﻲ ﺇﺫﺍ ﺳﻤﺤﺖ
ﺍﻟﺒﺪﻳﻞ ﺣﺘﻰ ﺃﺗﺮﻙ ﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺮﻣﺎﺕ .
ﻓﻴﺎ ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﻴﻒ ﺗﺮﻳﺪ ﺍﻟﺒﺪﻳﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺃﻧﺖ ﻟﻢ ﺗﺘﺮﻙ ﺍﻟﻤﺤﺮﻡ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀً ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ، ﺛﻢ
ﺃﻧﺖ ﻭﺣﺪﻙ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺤﺮﻡ ﺍﻟﺬﻱ
ﻓﻌﻠﺘﻪ، ﻭﺍﻟﺒﺪﻳﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺮﻙ ﺃﻭﻻً .
ﻭﺛﺎﻧﻴﺎً : ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﻧﺖ ﻭﻏﻴﺮﻙ ﺑﺄﻥ
ﺍﻟﻔﺘﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻦ ﻳﺤﺼﻞ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺻﺪﻕ
ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻛﻤﻞ ﻳﻘﻴﻨﻪ ﺑﻤﻮﻋﻮﺩ ﺍﻟﻠﻪ .
ﻭﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﺗﺠﺎﺭﺏ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻣﻊ ﻫﺬﻩ
ﺍﻵﻳﺎﺕ ﻭﻛﻴﻒ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ
ﻭﺍﻟﺨﻮﻑ ﻣﻨﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻳﻔﺘﺢ ﺃﺳﺒﺎﺑﺎً ﻣﻦ
ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻟﻢ ﺗﺪﺭ ﻓﻲ ﺧﺎﻃﺮﻩ ﻳﻮﻣﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻫﺮ .
ﺇﻥ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﻣﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺟﺮﺋﺔ ﻭﻋﺰﻳﻤﺔ
ﺇﻳﻤﺎﻧﻴﺔ ﻳﻌﺎﻫﺪ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺭﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻭﺗﺮﻙ
ﺍﻟﻤﺤﺮﻡ، ﻭﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﺍﻟﻔﺮﺝ ﻣﻦ ﺭﺏ
ﻛﺮﻳﻢ ﺭﺣﻴﻢ ﻻ ﺗﻨﻘﺺ ﺧﺰﺍﺋﻨﻪ ﻭﻻ ﻳﻨﻘﻄﻊ
ﺧﻴﺮﻩ .
- ﻭﺃﻳﻀﺎً ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺆﺩﻳﺔ ﺇﻟﻰ
ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺮﺯﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ : ﺻﻠﺔ
ﺍﻟﺮﺣﻢ . ﻧﻌﻢ ﺻﻠﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ . ﻭﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ
ﺑﺎﻟﺮﺣﻢ ﻫﻢ ﺍﻷﻗﺎﺭﺏ، ﻭﻫﻢ ﻛﻞ ﻣﻦ
ﺑﻴﻨﻚ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﻧﺴﺐ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻮﻻﺩﺓ
ﺳﻮﺍﺀً ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻷﺏ ﺃﻭ
ﺍﻷﻡ .
ﻭﺻﻠﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﺑﻜﻞ
ﺃﻧﻮﺍﻋﻪ ﺣﺴﻴﺔ ﻭﻣﻌﻨﻮﻳﺔ، ﻭﺳﻮﺍﺀً ﻛﺎﻧﻮﺍ
ﺻﻐﺎﺭﺍً ﺃﻭ ﻛﺒﺎﺭﺍً ﻧﺴﺎﺀً ﺃﻭ ﺭﺟﺎﻻً ﻳﺴﻜﻨﻮﻥ
ﻓﻲ ﺑﻠﺪﻙ ﺃﻭ ﺑﻌﻴﺪﻭﻥ ﻋﻨﻚ، ﺭﻭﻯ ﺍﻻﻣﺎﻡ
ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : ﺳﻤﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ
ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ : )) ﻣﻦ
ﺳﺮﻩ ﺃﻥ ﻳﺒﺴﻂ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺭﺯﻗﻪ ﻭﺃﻥ ﻳﻨﺴﺄ ﻟﻪ
ﻓﻲ ﺃﺛﺮﻩ ﻓﻠﻴﺼﻞ ﺭﺣﻤﻪ (( ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺑﻮﺏ
ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻘﺎﻝ : ﺑﺎﺏ ﻣﻦ ﺑﺴﻂ
ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺑﺼﻠﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ .
ﻟﻌﻠﻚ ﺃﺧﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺗﺴﺘﻐﺮﺏ ﺇﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻗﺪ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻬﻢ ﺃﺑﻮﺍﺏ
ﺗﻠﻮ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻭﻫﻢ ﻗﻠﻴﻠﻮ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ
ﻭﺿﻌﻴﻔﻮ ﺍﻟﺨﺒﺮﺓ ﻗﻴﺎﺳﺎً ﺑﻐﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ
ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ، ﻭﻟﻜﻨﻚ
ﺇﺫﺍ ﻓﺘﺸﺖ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﻪ ﻭﺟﺪﺗﻪ ﻣﻤﻦ ﻳﺼﻞ
ﺭﺣﻤﻪ، ﺑﻞ ﻻ ﺗﺴﺘﻐﺮﺏ ﺃﺧﻲ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﺇﺫﺍ
ﺃﺧﺒﺮﺗﻚ ﺑﺄﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﺼﺎﺓ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﻕ ﺑﻞ
ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﺠﺮﺓ ﻗﺪ ﺗﻨﻤﻮ ﺃﻣﻮﺍﻟﻬﻢ ﺑﺴﺒﺐ
ﺻﻠﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ، ﺍﺳﻤﻊ ﻟﻤﺎ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ
ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ﺑﺴﻨﺪ ﺟﻴﺪ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮﺓ
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : ))ﻣﺎ ﻣﻦ ﺫﻧﺐ ﺃﺟﺪﺭ ﺃﻥ
ﻳﻌﺠﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻓﻲ
ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﺪﺧﺮﻩ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻟﻪ
ﻣﻦ ﻗﻄﻌﻴﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ، ﻭﺍﻟﺨﻴﺎﻧﺔ، ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ،
ﻭﺇﻥ ﺃﻋﺠﻞ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﺛﻮﺍﺑﺎ ﺻﻠﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ،
ﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻟﻴﻜﻮﻧﻮﺍ ﻓﺠﺮﺓ،
ﻓﺘﻨﻤﻮ ﺃﻣﻮﺍﻟﻬﻢ، ﻭﻳﻜﺜﺮ ﻋﺪﺩﻫﻢ، ﺇﺫﺍ
ﺗﻮﺍﺻﻠﻮﺍ (( .
ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻳﻔﺴﺮ ﻟﻨﺎ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺭﺑﻤﺎ
ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﺳﺘﻐﺮﺍﺏ ﻋﻨﺪ ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ، ﻧﻌﻢ
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻷﺣﺒﺔ : )) ﺇﻥ ﺍﻫﻞ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻟﻴﻜﻮﻧﻮﺍ
ﻓﺠﺮﻩ، ﻓﺘﻨﻤﻮ ﺃﻣﻮﺍﻟﻬﻢ، ﻭﻳﻜﺜﺮ ﻋﺪﺩﻫﻢ،
ﺇﺫﺍ ﺗﻮﺍﺻﻠﻮﺍ (( .
- ﻭﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻓﺘﺢ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺮﺯﻕ : ﺍﻹﻧﻔﺎﻕ ﻓﻲ
ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ . ﻓﻤﺘﻰ ﻣﺎ ﺃﻧﻔﻘﺖ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻳﺎ ﻋﺒﺪ
ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺳﺒﺒﺎً ﻟﻜﺜﺮﺗﻪ، ﻭﻫﺬﻩ ﻗﺎﻋﺪﺓ
ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺮﺯﻕ، ﻛﻠﻤﺎ ﺃﺧﺮﺟﺖ ﺯﺍﺩ
ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻻ ﻛﻤﺎ ﻳﻈﻦ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﻮﻥ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻨﻘﺺ ﺇﺫﺍ
ﺃﺧﺮﺝ ﺯﻛﺎﺗﻪ ﺃﻭ ﺗﺼﺪﻕ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
ﻭﻣﺎ ﺃﻧﻔﻘﺘﻢ ﻣﻦ ﺷﻲﺀ ﻓﻬﻮ ﻳﺨﻠﻔﻪ ﻭﻫﻮ ﺧﻴﺮ
ﺍﻟﺮﺍﺯﻗﻴﻦ ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ
ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ : ﺃﻱ ﻣﻬﻤﺎ ﺃﻧﻔﻘﺘﻢ ﻣﻦ ﺷﻲﺀ
ﻣﻤﺎ ﺃﻣﺮﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﻭﺃﺑﺎﺣﻪ ﻟﻜﻢ ﻓﻬﻮ ﻳﺨﻠﻔﻜﻢ
ﻭﻳﺨﻠﻔﻪ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺎﻟﺒﺪﻝ، ﻭﻓﻲ
ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺑﺎﻟﺠﺰﺍﺀ ﻭﺍﻟﺜﻮﺍﺏ، ﻭﻟﺬﺍ ﻟﻤﺎ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺑﺎﻹﻧﻔﺎﻕ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺪ
ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻳﻌﺪﻛﻢ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﻳﺄﻣﺮﻛﻢ
ﺑﺎﻟﻔﺤﺸﺎﺀ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻳﻌﺪﻛﻢ ﻣﻐﻔﺮﺓ ﻣﻨﻪ ﻭﻓﻀﻼً
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﺳﻊ ﻋﻠﻴﻢ ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺭﺣﻤﻪ
ﺍﻟﻠﻪ : ﺇﻥ ﻭﻋﺪ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻻﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﺑﺎﻟﻔﻘﺮ ﻟﻴﺲ
ﺷﻔﻘﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻟﻴﺲ ﻧﺼﻴﺤﺔ ﻟﻪ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ
ﻭﺟﻞ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻌﺪ ﻋﺒﺪﻩ ﻣﻐﻔﺮﺓ ﻣﻨﻪ ﻟﺬﻧﻮﺑﻪ
ﻭﻓﻀﻼً ﺑﺄﻥ ﻳﺨﻠﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺃﻧﻔﻖ
ﻭﺃﺿﻌﺎﻓﻪ، ﺇﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ
ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ . ﺭﻭﻯ ﻣﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ
ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : ))ﻳﺎ
ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﺃﻧﻔﻖ ﺃﻧﻔﻖ ﻋﻠﻴﻚ (( .
)) ﻣﺎ ﻣﻦ ﻳﻮﻡ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻓﻴﻪ ﺇﻻ ﻣﻠﻜﺎﻥ
ﻳﻨﺰﻻﻥ ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺃﺣﺪﻫﺎ : ﺃﻟﻠﻬﻢ ﺃﻋﻂ ﻣﻨﻔﻘﺎً
ﺧﻠﻔﺎً، ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻵﺧﺮ : ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﻋﻂ ﻣﻤﺴﻜﺎً ﺗﻠﻔﺎ ((
ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ . )) ﺃﻧﻔﻖ
ﻳﺎ ﺑﻼﻝ ﻭﻻ ﺗﺨﺶ ﻣﻦ ﺫﺍ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﺇﻗﻼﻻ ((
ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ .
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻻ ﻳﺘﺼﻮﺭ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﻨﻔﻘﻴﻦ، ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﻴﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ
ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻔﻘﻮﻥ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ
ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻭﻫﺬﺍ
ﺧﻄﺄ، ﻷﻥ ﻛﻼً ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻨﻔﻖ ﺑﺤﺴﺒﻪ
ﻭﻭﺿﻌﻪ ﻭﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺗﻪ، ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺮﻳﺎﻝ
ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﻔﻘﻪ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺼﺪﻕ
ﻭﺇﺧﻼﺹ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠﻴﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻔﻘﻪ
ﻏﻴﺮﻙ ﻷﻧﻪ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﺸﻬﺮﺓ ﻣﺜﻼً، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻫﻮ ﺃﻋﻠﻢ
ﺑﺎﻟﻨﻴﺎﺕ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻳﺪ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺯﻳﻨﺘﻬﺎ ﻧﻮﻑ ﻟﻬﻢ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ
ﻭﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻻ ﻳﺒﺨﺴﻮﻥ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﻴﺲ
ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺇﻻ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﺣﺒﻂ ﻣﺎ ﺻﻨﻌﻮﺍ
ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺑﺎﻃﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﻭﺍﻋﻠﻢ ﺑﺄﻥ
ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻀﻌﻔﺎﺀ
ﻭﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺟﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻷﻥ
ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ : )) ﻫﻞ
ﺗﻨﺼﺮﻭﻥ ﻭﺗﺮﺯﻗﻮﻥ ﺇﻻ ﺑﻀﻌﻔﺎﺋﻜﻢ (( .
- ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻟﻜﺴﺐ
ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﺘﻌﺒﺪ ﺍﻟﺤﻖ ﻟﻠﻪ ﻋﺰ
ﻭﺟﻞ ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﻌﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻘﻠﺐ ﻓﺎﺭﻍ
ﻋﻤﺎ ﺳﻮﺍﻩ، ﻻ ﺗﻌﺒﺪ ﺭﺑﻚ ﻭﺃﻧﺖ ﺗﻔﻜﺮ
ﻓﻲ ﻏﻴﺮﻩ، ﺭﻭﻯ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ
ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ
ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : )) ﺇﻥ
ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻘﻮﻝ : ﻳﺎ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ : ﺗﻔﺮﻍ
ﻟﻌﺒﺎﺩﺗﻰ ﺃﻣﻸ ﺻﺪﺭﻙ ﻏﻨﻰ، ﻭﺃﺳﺪ
ﻓﻘﺮﻙ، ﻭﺇﻥ ﻻ ﺗﻔﻌﻞ ﻣﻸﺕ ﻳﺪﻳﻚ
ﺷﻐﻼً، ﻭﻟﻢ ﺃﺳﺪ ﻓﻘﺮﻙ (( ﺣﺪﻳﺚ
ﺻﺤﻴﺢ . ﻭﺍﻟﺘﻔﺮﻍ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﺃﻳﻬﺎ
ﺍﻷﺣﺒﺔ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﺗﺮﻙ ﻛﺴﺐ ﺍﻟﺮﺯﻕ
ﻓﻴﺼﻴﺮ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻋﺎﻟﺔً ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻩ، ﺑﻞ
ﺫﻟﻚ ﺑﺄﻥ ﻳﻔﺮﻍ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻗﻠﺒﻪ ﺃﺛﻨﺎﺀ
ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻋﻤﺎ ﺳﻮﺍﻩ، ﻓﻤﺜﻼً ﺍﻟﺼﻼﺓ، ﻻ
ﺗﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﻠﻮﻥ ﺑﺄﺟﺴﺎﺩﻫﻢ
ﻭﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﺗﺤﻠﻖ ﻳﻤﻴﻨﺎً ﻭﺷﻤﺎﻻً . ﻧﺴﺄﻝ
ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﻨﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ .
ﻧﻔﻌﻨﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺇﻳﺎﻛﻢ ﺑﻬﺪﻱ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻭﺍﺗﺒﺎﻉ ﺳﻨﺔ
ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﺃﻗﻮﻝ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺃﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻲ ﻭﻟﻜﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺫﻧﺐ
ﻭﺧﻄﻴﺌﺔ ﻓﺎﺳﺘﻐﻔﺮﻭﻩ ﺇﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﻐﻔﻮﺭ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ .
ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ
ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ :
ﻭﺃﻳﻀﺎً ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻓﻲ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻓﻲ
ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ : ﺍﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﺞ ﻭﺍﻟﻌﻤﺮﺓ، ﻭﺫﻟﻚ
ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﻛﻠﻤﺎ ﺳﻨﺤﺖ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ
ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﺤﺞ ﺃﻭ ﻋﻤﺮﺓ، ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻣﺮ ﻗﺪ
ﻻ ﻳﺘﻔﻄﻦ ﻟﻪ ﻛﺜﻴﺮﻭﻥ : ﺃﻧﻬﻢ ﺇﺫﺍ ﺫﻫﺒﻮﺍ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺤﺞ ﻭﺍﻟﻌﻤﺮﺓ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺳﺒﺒﺎً ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻟﻠﻪ
ﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻭﺍﻟﻤﺎﻝ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ
ﻗﺪﻳﺮ ﻭﻓﻀﻠﻪ ﻭﺍﺳﻊ، ﺭﻭﻯ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ
ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺭﺿﻲ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ
ﻗﺎﻝ : ))ﺗﺎﺑﻌﻮﺍ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﺞ ﻭﺍﻟﻌﻤﺮﺓ (( ﻭﻓﻲ
ﺭﻭﺍﻳﺔ : ))ﺃﺩﻳﻤﻮﺍ ﺍﻟﺤﺞ ﻭﺍﻟﻌﻤﺮﺓ، ﻓﺈﻧﻬﻤﺎ
ﻳﻨﻔﻴﺎﻥ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻛﻤﺎ ﻳﻨﻔﻲ ﺍﻟﻜﻴﺮ ﺧﺒﺚ
ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ ﻭﺍﻟﺬﻫﺐ ﻭﺍﻟﻔﻀﺔ (( .
- ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺃﻳﻀﺎً : ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻭﻣﻦ ﻳﻬﺎﺟﺮ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ
ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺠﺪ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﺮﺍﻏﻤﺎً ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻭﺳﻌﺔ
ﻭﻣﻌﻨﻰ ﻣﺮﺍﻏﻤﺎً : ﺃﻱ ﺳﺒﺒﺎً ﻹﺭﻏﺎﻡ ﺃﻧﻒ ﺃﻋﺪﺍﺀ
ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﺭﺟﺎﻝ ﻫﺎﺟﺮﻭﺍ ﻓﺄﻏﺎﻇﻮﺍ ﺃﻋﺪﺍﺀ
ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻓﻴﺤﺼﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﻌﺔ،
ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺴﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻛﻤﺎ ﻓﺴﺮﻫﺎ ﺣﺒﺮ ﺍﻷﻣﺔ
ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ .
- ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ : ﺍﻟﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻖ
ﺍﻟﺘﻮﻛﻞ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﻥ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺣﺪﻩ ﻓﺘُﻈﻬِﺮ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻋﺠﺰﻙ ﻭﺍﻋﺘﻤﺎﺩﻙ
ﻋﻠﻰ ﺧﺎﻟﻘﻚ، ﺭﻭﻯ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻦ
ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : )) ﻟﻮ ﺃﻧﻜﻢ
ﺗﺘﻮﻛﻠﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻖ ﺗﻮﻛﻠﻪ ﻟﺮﺯﻗﻜﻢ ﻛﻤﺎ
ﻳﺮﺯﻕ ﺍﻟﻄﻴﺮ، ﺗﻐﺪﻭ ﺧﻤﺎﺻﺎً ﻭﺗﺮﻭﺡ ﺑﻄﺎﻧﺎ (( .
- ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ : ﺃﻥ ﺗﻨﻔﻖ ﺃﺧﻲ
ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺒﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ
ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ، ﻭﻫﺬﺍ ﺑﺎﺏ ﻣﻊ ﻛﻞ ﺃﺳﻒ
ﻏﻔﻞ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻭﻥ، ﻓﺘﺮﺍﻩ ﻳﻨﻔﻖ
ﻋﻠﻰ ﻓﻘﻴﺮ ﻣﺤﺘﺎﺝ، ﻟﻜﻦ ﺇﺫﺍ ﺩﻋﻲ
ﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﺩﻋﻮﻱ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻃﻠﺐ ﻋﻠﻢ
ﺷﺮﻋﻲ، ﺃﻭ ﺣﻠﻘﺎﺕ ﺗﺤﻔﻴﻆ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ
ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺗﺮﺍﻩ ﻳﺤﺠﻢ ﻭﻻ
ﻳﺸﺎﺭﻙ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﺳﺪ ﺣﺎﺟﺔ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ
ﺃﻭﻟﻰ، ﻭﻫﺬﺍ ﺧﻄﺄ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً .
ﺧﺬ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ : ﺍﻹﻧﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻓﻲ
ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ
ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺇﻃﻌﺎﻡ ﻓﻘﻴﺮ، ﻷﻥ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﻻ
ﻳﻤﻮﺕ ﺟﻮﻋﺎً، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﺇﺫﺍ ﻋﻄّﻞ ﻓﻲ
ﺍﻷﻣﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻵﻥ ﻓﺈﻥ ﺍﻷﻣﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻗﺪ
ﺗﻨﻜﺐ ﻭﻳﺼﻴﺒﻬﺎ ﺍﻟﺬﻝ ﻭﺍﻟﻬﻮﺍﻥ، ﻭﻟﻴﺲ
ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﺑﺄﻗﻞ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ
ﻷﻥ ﺫﺍﻙ ﺟﻬﺎﺩ ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ ﻭﺍﻟﺴﻨﺎﻥ، ﻭﻫﺬﺍ
ﺟﻬﺎﺩ ﺑﺎﻟﻘﻠﻢ ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﻥ، ﻭﺍﻷﻣﺔ ﻣﺤﺘﺎﺟﺔ
ﻟﻸﻣﺮﻳﻦ ﻣﻌﺎً , ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻋﻦ ﺃﻧﺲ
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ : ﻛﺎﻥ ﺇﺧﻮﺍﻧﻲ ﻋﻠﻰ
ﻋﻬﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻓﻜﺎﻥ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﺭﺡ : ﺃﻧﻪ ﻳﺄﺗﻴﻪ
ﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ – ﻭﺍﻵﺧﺮ ﺗﺤﺘﺮﻑ – ﻳﻌﻨﻲ
ﻋﻨﺪﻩ ﺻﻨﻌﺔ – ﻓﺸﻜﻰ ﺍﻟﻤﺤﺘﺮﻑ ﺃﺧﺎﻩ
ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎﻝ
ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : )) ﻟﻌﻠﻚ
ﺗﺮﺯﻕ ﺑﻪ (( .
ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺑﻌﺾ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺘﻔﺮﻏﻴﻦ
ﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﺩﺍﺧﻠﻮﻥ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ
ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻟﻠﻔﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺣﺼﺮﻭﺍ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ
ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﺿﺮﺑﺎً ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻳﺤﺴﺒﻬﻢ
ﺍﻟﺠﺎﻫﻞ ﺃﻏﻨﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﻔﻒ ﺗﻌﺮﻓﻬﻢ ﺑﺴﻴﻤﺎﻫﻢ
ﻻ ﻳﺴﺄﻟﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﺤﺎﻓﺎً .
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ : ﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ
ﻭﺍﻟﺴﻌﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻣﺮ ﻳﺤﺮﺹ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻼ
ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺀ، ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻳﻀﺎً ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ﻣﻦ ﺳﻠﻚ
ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺮ ﺫﻛﺮﻫﺎ . ﻭﺧﻴﺮ
ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﺃﻥ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﻫﻤﺔ ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺒﺪ،
ﻓﻴﻨﻈﺮ ﺑﺒﺼﻴﺮﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﻧﻌﻴﻢ ﺍﻵﺧﺮﺓ، ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ
ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻠﺤﻘﻬﺎ ﻓﻨﺎﺀ ﻭﻻ ﻳﻜﺪﺭ ﺻﻔﻮﻫﺎ
ﻣﻮﺕ ﺃﻭ ﻣﺮﺽ، ﻭﻟﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺩﻋﺎﺀ ﺍﻟﻨﺒﻲ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : )) ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻻ ﻋﻴﺶ ﺇﻻ
ﻋﻴﺶ ﺍﻵﺧﺮﺓ ((
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق